سورة المؤمنون - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


قوله تعالى: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ} أي: بالماء، {جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا} في الجنات، {فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} شتاء وصيفا، وخص النخيل والأعناب بالذكر لأنها أكثر فواكه العرب. {وَشَجَرَةً} أي: وأنشأنا لكم شجرة {تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} وهي الزيتون، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو {سيناء} بكسر السين. وقرأ الآخرون بفتحها واختلفوا في معناه وفي {سينين} في قوله تعالى: {وطور سينين} [التين- 2] قال مجاهد: معناه البركة، أي: من جبل مبارك. وقال قتادة: معناه الحسن، أي: من الجبل الحسن. وقال الضحاك: هو بالنبطية، ومعناه الحسن. وقال عكرمة: هو بالحبشية. وقال الكلبي: معناه الشجر، أي: جبل ذو شجر. وقيل: هو بالسريانية الملتفة بالأشجار. وقال مقاتل: كل جبل فيه أشجار مثمرة فهو سينا، وسينين بلغة النبط. وقيل: هو فيعال من السناء وهو الارتفاع. قال ابن زيد: هو الجبل الذي نودي منه موسى بين مصر وأيلة. وقال مجاهد: سينا اسم حجارة بعينها أضيف الجبل إليها لوجودها عنده. وقال عكرمة: هو اسم المكان الذي فيه هذا الجبل.
{تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} قرأ ابن كثير وأهل البصرة ويعقوب {تنبت} بضم التاء وكسر الباء، وقرأ الآخرون بفتح التاء وضم الباء، فمن قرأ بفتح التاء فمعناه تنبت تثمر الدهن وهو الزيتون. وقيل: تنبت ومعها الدهن، ومن قرأ بضم التاء، اختلفوا فيه فمنهم من قال: الباء زائدة، معناه: تنبت الدهن، كما يقال: أخذت ثوبه وأخذت بثوبه، ومنهم من قال: نبت وأنبت لغتان بمعنى واحد، كما قال زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم *** قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
أي: نبت، {وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} الصبغ والصباغ: الإدام الذي يلون الخبز إذا غمس فيه وينصبغ، والإدام كل ما يؤكل مع الخبز، سواء ينصبغ به الخبز أو لا ينصبغ. قال مقاتل: جعل الله في هذه الشجرة أدما ودهنا، فالأدم: الزيتون، والدهن: الزيت، وقال: خص الطور بالزيتون لأن أول الزيتون نبت بها. ويقال: أن الزيتون أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان.


قوله عز وجل: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً} أي: آية تعتبرون بها، {نُسْقِيكُمْ} قرأ نافع بالنون وفتحها وقرأ أبو جعفر هاهنا بالتاء وفتحها، {مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} أي: على الإبل في البر، وعلى الفلك في البحر. قوله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} وحدوه، {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} معبود سواه، {أَفَلا تَتَّقُونَ} أفلا تخافون عقوبته إذا عبدتم غيره. {فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} أي: يتشرف بأن يكون له الفضل عليكم فيصير متبوعا وأنتم له تبع، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ} أن لا يعبد سواه، {لأنزلَ مَلائِكَةً} يعني بإبلاغ الوحي. {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا} الذي يدعونا إليه نوح {فِي آبَائِنَا الأوَّلِينَ} وقيل: {ما سمعنا بهذا} أي: بإرسال بشر رسولا. {إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} أي: جنون، {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} أي: إلى أن يموت فتستريحوا منه. {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} أي: أعني بإهلاكهم لتكذيبهم إياي.


{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا} أدخل فيها، يقال سلكته في كذا وأسلكته فيه، {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ} أي من سبق عليه الحكم بالهلاك.
{وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ} اعتدلت {أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي: الكافرين. {وَقُلْ رَبِّ أَنزلْنِي مُنزلا مُبَارَكًا} قرأ أبو بكر عن عاصم {منزلا} بفتح الميم وكسر الزاي، أي يريد موضع النزول، قيل: هو السفينة بعد الركوب، وقيل: هو الأرض بعد النزول، ويحتمل أنه أراد في السفينة، ويحتمل بعد الخروج، وقرأ الباقون {منزلا} بضم الميم وفتح الزاي، أي إنزالا فالبركة في السفينة النجاة، وفي النزول بعد الخروج كثرة النسل من أولاده الثلاثة، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزلِينَ} {إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي الذي ذكرت من أمر نوح والسفينة وإهلاك أعداء الله، {لآيَاتٍ} لدلالات على قدرته، {وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} وقد كنا. وقيل: وما كنا إلا مبتلين أي: مختبرين إياهم بإرسال نوح ووعظه وتذكيره لننظر ما هم عاملون قبل نزول العذاب بهم. {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ} من بعد إهلاكهم، {قَرْنًا آخَرِينَ} {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ} يعني: هودا وقومه. وقيل: صالحا وقومه. والأول أظهر، {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8